أبيات شعر عنترة بن شداد في عزة النفس والحرب والشجاعة، إذ يُصنف عنترة بن شداد كـ أحد أشهر الشعراء العرب في تاريخ ما قبل ظهور الإسلام، وأكثر ما اُشتهر به هو شعر الفروسية وشعر الحب والغزل العفيف في ابنة عمه ومحبوبته عبلة، لذا نورد إليكم باقة من أجمل أشعاره.

شعر عنترة بن شداد عن الظلم

شعر عنترة بن شداد في عزة النفس

لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ

ولا ينالُ العلى من طبعهُ الغضبُ

ومن يكنْ عبد قومٍ لا يخالفهمْ

إذا جفوهُ ويسترضى إذا عتبوا

قدْ كُنْتُ فِيما مَضَى أَرْعَى جِمَالَهُمُ

واليَوْمَ أَحْمي حِمَاهُمْ كلَّما نُكِبُوا

لله دَرُّ بَني عَبْسٍ لَقَدْ نَسَلُوا

منَ الأكارمِ ما قد تنسلُ العربُ

لئنْ يعيبوا سوادي فهوَ لي نسبٌ

يَوْمَ النِّزَالِ إذا مَا فَاتَني النَسبُ

إِن كُنتَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَنَّ يَدي

قَصيرَةٌ عَنكَ فَالأَيّامُ تَنقَلِبُ

اليَومَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَيَّ فَتىً

يَلقى أَخاكَ الَّذي قَد غَرَّهُ العُصَبُ

إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها

عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ

فَتًى يَخُوضُ غِمَارَ الحرْبِ مُبْتَسِماً

وَيَنْثَنِي وَسِنَانُ الرُّمْحِ مُخْتَضِبُ

إنْ سلَّ صارمهُ سالتَ مضاربهُ

وأَشْرَقَ الجَوُّ وانْشَقَّتْ لَهُ الحُجُبُ

والخَيْلُ تَشْهَدُ لي أَنِّي أُكَفْكِفُهَا

والطّعن مثلُ شرارِ النَّار يلتهبُ

إذا التقيتُ الأعادي يومَ معركةٍ

تَركْتُ جَمْعَهُمُ المَغْرُور يُنْتَهَبُ

لي النفوسُ وللطّيرِ اللحومُ ولل

وحْشِ العِظَامُ وَلِلخَيَّالَة السَّلَبُ

لا أبعدَ الله عن عيني غطارفةً

إنْساً إذَا نَزَلُوا جِنَّا إذَا رَكِبُوا

أسودُ غابٍ ولكنْ لا نيوبَ لهم

إلاَّ الأَسِنَّةُ والهِنْدِيَّةُ القُضْبُ

تعدو بهمْ أعوجيِّاتٌ مضَّمرةٌ

مِثْلُ السَّرَاحِينِ في أعناقها القَببُ

ما زلْتُ ألقى صُدُورَ الخَيْلِ منْدَفِقاً

بالطَّعن حتى يضجَّ السَّرجُ واللَّببُ

فالعميْ لو كانَ في أجفانهمْ نظروا

والخُرْسُ لوْ كَانَ في أَفْوَاهِهمْ خَطَبُوا

والنَّقْعُ يَوْمَ طِرَادِ الخَيْل يشْهَدُ لي

والضَّرْبُ والطَّعْنُ والأَقْلامُ والكُتُبُ

اقرأ أيضًا: أبيات شعر مؤثرة

قصائد عن الشموخ

أُعاتِبُ دَهراً لاَ يلِينُ لعاتبِ

وأطْلُبُ أَمْناً من صُرُوفِ النَّوائِبِ

وتُوعِدُني الأَيَّامُ وعْداً تَغُرُّني

وأعلمُ حقاً أنهُ وعدُ كاذبِ

خَدَمْتُ أُناساً وَاتَّخَذْتُ أقارباً

لِعَوْنِي وَلَكِنْ أصْبَحُوا كالعَقارِبِ

يُنادُونني في السِّلم يا بْنَ زَبيبةٍ

وعندَ صدامِ الخيلِ يا ابنَ الأطايبِ

ولولا الهوى ما ذَلَّ مثلي لمثلهم

ولا خَضعتْ أُسدُ الفَلا للثَّعالبِ

ستذكرني قومي إذا الخيلُ أصبحتْ

تجولُ بها الفرسانُ بينَ المضاربِ

فإنْ هُمْ نَسَوْني فالصَّوَارمُ والقَنا

تذكرهمْ فعلي ووقعَ مضاربيِ

فيَا لَيْتَ أَنَّ الدَّهْرَ يُدني أَحبَّتي

إليَّ كما يدني إليَّ مصائبيِ

ولَيْتَ خيالاً مِنكِ يا عبلَ طارقاً

يرى فيضَ جفني بالدموعِ السواكبِ

سأَصْبِرُ حَتَّى تَطَّرِحْني عَواذِلي

وحتى يضجَّ الصبرُ بين جوانبيِ

مقامكِ في جوِّ السماء مكانهُ

وَباعِي قَصيرٌ عَنْ نوالِ الكَواكِبِ

اقرأ أيضًا: شعر غزل صريح

شعر عنترة بن شداد عن الظلم

حَكِّم سُيوفَكَ في رِقابِ العُذَّلِ                   وَإِذا نَزَلتَ بِدارِ ذُلٍّ فَاِرحَلِ

وَإِذا بُليتَ بِظالِمٍ كُن ظالِم                         وَإِذا لَقيتَ ذَوي الجَهالَةِ فَاِجهَلي

وَإِذا الجَبانُ نَهاكَ يَومَ كَريهَةٍ                     خَوفاً عَلَيكَ مِنَ اِزدِحامِ الجَحفَلِ

فَاِعصِ مَقالَتَهُ وَلا تَحفِل بِه                      وَاِقدِم إِذا حَقَّ اللِقا في الأَوَّلِ

وَاِختَر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ                      أَو مُت كَريماً تَحتَ ظُلِّ القَسطَلِ

فَالمَوتُ لا يُنجيكَ مِن آفاتِهِ                     حِصنٌ وَلَو شَيَّدتَهُ بِالجَندَلِ

مَوتُ الفَتى في عِزَّةٍ خَيرٌ لَهُ                     مِن أَن يَبيتَ أَسيرَ طَرفٍ أَكحَلِ

إِن كُنتَ في عَدَدِ العَبيدِ فَهِمَّتي                  فَوقَ الثُرَيّا وَالسِماكِ الأَعزَلِ

أَو أَنكَرَت فُرسانُ عَبسٍ نِسبَتي               فَسِنانُ رُمحي وَالحُسامُ يُقِرُّ لي

وَبِذابِلي وَمُهَنَّدي نِلتُ العُل                     لا بِالقَرابَةِ وَالعَديدِ الأَجزَلِ

وَرَمَيتُ مُهري في العَجاجِ فَخاضَهُ          وَالنارُ تَقدَحُ مِن شِفارِ الأَنصُلِ

خاضَ العَجاجَ مُحَجَّلاً حَتّى إِذ                 شَهِدَ الوَقيعَةَ عادَ غَيرَ مُحَجَّلِ

وَلَقَد نَكَبتُ بَني حُريقَةَ نَكبَةً                  لَمّا طَعَنتُ صَميمَ قَلبِ الأَخيَلِ

وَقَتَلتُ فارِسَهُم رَبيعَةَ عَنوَةً                  وَالهَيذُبانَ وَجابِرَ بنَ مُهَلهَلِ

وَاِبنَي رَبيعَةَ وَالحَريشَ وَمالِك              وَالزِبرِقانُ غَدا طَريحَ الجَندَلِ

وَأَنا اِبنُ سَوداءِ الجَبينِ كَأَنَّه                 ضَبُعٌ تَرَعرَعَ في رُسومِ المَنزِلِ

الساقُ مِنها مِثلُ ساقِ نَعامَةٍ               وَالشَعرُ مِنها مِثلُ حَبِّ الفُلفُلِ

وَالثَغرُ مِن تَحتِ اللِثامِ كَأَنَّهُ                  بَرقٌ تَلَألَأَ في الظَلامِ المُسدَلِ

يا نازِلينَ عَلى الحِمى وَدِيارِهِ                 هَلّا رَأَيتُم في الدِيارِ تَقَلقُلي

قَد طالَ عِزَّكُم وَذُلّي في الهَوى            وَمِنَ العَجائِبِ عِزَّكُم وَتَذَلَّلي

لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ                  بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ

ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ                       وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ

اقرأ أيضًا: أجمل أبيات شعر عن طيبة القلب

قصائد عنترة بن شداد في الشجاعة

أنا في الحربِ العوان

غيرُ مجهول المكان

أينما نادَى المنادي

في دُجى النَّقْع يرَاني

وحسامي مع قناتي

لفعالي شاهدان

أنني أطعنُ خصمي

وَهْو يَقْظانُ الجَنانِ

أسقِهِ كاسَ المنايا

وقِراها منهُ دَاني

أشعلُ النَّار ببأسي

وأطاها بجناني

إنني ليثٌ عبُوسٌ

ليسَ لي في الخلْق ثاني

خلق الرِّمحُ لكفي

والحسامُ الهندواني

ومعي في المَهْدِ كانا

فوْق صدْري يُؤْنِساني

فإذا ما الأَرضُ صارتْ

وردة َ مثل الدّهان

والدّما تجري عليها

لونها أحمرُ قاني

ورأيتُ الخيلَ تهوي

في نَوَاحي الصَّحْصحان

فاسْقياني لا بكأْسٍ

من دمٍ كالأرجوان

واسمعاني نغمة َ الأس

ـيافِ حتى تُطرباني

أطيبُ الأصواتِ عندي

حُسْنُ صوْت الهنْدواني

وصريرُ الرُّمحِ جهرا

في الوغى يومَ الطَّعان

وصِياحُ القوْمِ فيه

وهْو للأَبْطال داني

قصائد عنترة بن شداد في الغزل

شعر عنترة بن شداد في الحرب

دهتْني صروفُ الدّهر وانْتَشب الغَدْرُ

ومنْ ذا الذي في الناس يصفو له الدهر

وكم طرقتني نكبة ٌبعد نكبةٍ

ففَرّجتُها عنِّي ومَا مسَّني ضرُّ

ولولا سناني والحسامُ وهمتي

لما ذكرتْ عبسٌ ولا نالها فخرُ

بَنَيْتُ لهم بيْتاً رفيعاً منَ العلى

تخرُّ له الجوْزاءُ والفرغ والغَفْرُ

وها قد رَحَلْتُ اليَوْمَ عنهمْ وأمرُنا

إلى منْ له في خلقهِ النهى والأمر

سيذْكُرني قَومي إذا الخيْلُ أقْبلت

وفي الليلة الظلماءِ يفتقدُ البدر

يعيبون لوني بالسواد جهالة

ولولا سواد الليل ما طلع الفجر

وإن كانَ لوني أسوداً فخصائلي

بياضٌ ومن كَفيَّ يُستنزل القطْر

محوتُ بذكري في الورى ذكر من مضى

وسدتُ فلا زيدٌ يقالُ ولا عمرو

قصائد عنترة بن شداد في الغزل

رمتِ الفؤادَ مليحةٌ عذراءُ

بسهامِ لحظٍ ما لهنَّ دواءُ

مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ

مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَاءُ

فاغتالني سَقمي الَّذي في باطني

أخفيتهُ فأذاعهُ الإخفاءُ

خطرتْ فقلتُ قضيبُ بانٍ حركت

أعْطَافَهُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ

ورنتْ فقلتُ غزالةٌ مذعورةٌ

قدْ راعهَا وسطَ الفلاة بلاءُ

وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَة تِمِّهِ

قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ

بسمتْ فلاحَ ضياءُ لؤلؤ ثغرِها

فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاءُ

سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايلَتْ

لجلالهِا أربابنا العظماءُ

يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أَضْعَافُهُ

عندي إذا وقعَ الإياسُ رجاءُ

إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني

في هَّمتي لصروفهِ أرزاءُ

شعر عنترة بن شداد في الكرم

إذا خصمي تقاضاني بدينٍ

قَضيْتُ الدَّينَ بالرُّمح الرُّديني

وحدُّ السَّيفِ يُرضينا جميعاً

ويحكمُ بينكم عدلاً وبيني

جَهلْتُم يا بني الأَنذَالِ قدري

وقد عرفته أهلُ الخافقين

وما هدمتْ يدُ الحِدْثانِ ركْني

ولا امتَدَّتْ إليَّ بَنانُ حَيْني

علَوْتُ بصارمي وسِنانِ رُمحي

على أُفْق السُهى والفَرْقَدَين

وغادرت المبارزَ وسطَ قفرٍ

يُعَفِّرُ خدَّهُ والعارِضَيْنِ

وكم منْ فارسٍ أَضْحى بسْيفي

هشيمَ الرَّأس مخضوب اليدين

يجومُ عليهِ عقبانُ المنايا

وتحجلُ حولهُ غربانُ بينٍ

وآخرُ هاربٌ من هول شخصي

وقد أجرى دموع المقلتين

وسوْفَ أُبيدُ جمْعَكُمُ بِصَبْري

ويطفا لاعجي وتقرُّ عيني

شعر في عزة النفس

إذا كشفَ الزَّمانُ لك القِناعا

ومَدَّ إليْكَ صَرْفُ الدَّهر باعا

فلا تخشَ المنية واقتحمها

ودافع ما استطعتَ لها دفاعاً

ولا تخترْ فراشاً من حريرٍ

ولا تبكِ المنازلَ والبقاعا

وحَوْلَكَ نِسْوَة ٌ ينْدُبْنَ حزْناً

ويهتكنَ البراقعَ واللقاعا

يقولُ لكَ الطبيبُ دواك عندي

إذا ما جسَّ كفكَ والذراعا

ولو عرَفَ الطَّبيبُ دواءَ داء

يَرُدّ المَوْتَ ما قَاسَى النّزَاعا

وفي يوْم المَصانع قد تَركنا

لنا بفعالنا خبراً مشاعاً

أقمنا بالذوابل سُوق حربٍ

وصيَّرنا النفوس لها متاعاً

حصاني كانَ دلاّل المنايا

فخاض غُبارها وشَرى وباعاً

وسَيفي كان في الهيْجا طَبيباً

يداوي رأسَ من يشكو الصداع

أَنا العبْدُ الَّذي خُبّرْتَ عَنْهُ

وقد عاينْتَني فدعِ السَّماعا

ولو أرْسلْتُ رُمحي معْ جَبانٍ

لكانَ بهيْبتي يلْقى السِّباعا

ملأْتُ الأَرضْ خوْفاً منْ حُسامِي

وخصمي لم يجدْ فيها اتساعاً

إذا الأَبْطالُ فَرَّت خوْفَ بأْسي

ترى الأقطار باعاً أوذراعاً

وبهذا القدر من الحديث نكون قد وصلنا بكم إلى ختام مقالنا، والذي أرفقنا لكم خلاله باقة من أجمل أبيات شعر عنترة بن شداد في عزة النفس والشجاعة والشموخ والقوة، وهي الصفات التي اُشتهر بها العرب قديمًا ولا يزالون عنوانًا لها حتى هذا اليوم في كل مكان بالأراضي العربية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *