يا دار عبلة بالجواء تكلمي شرح يحمل في طياته عبق الشعر الجاهلي، حيث يُجسد عنترة بن شداد شوقه العميق وحبه الخالد لحبيبته عبلة، وفي هذا البيت الشعري، يخاطب الشاعر دار محبوبته وكأنها كائن حي قادر على الكلام، مما يعكس حنينه العاطفي وروحه الشعرية المتقدة، ومن خلال شرح هذا البيت، نستكشف جماليات اللغة وعمق المشاعر التي ميزت شعر عنترة وأثرت في الأدب العربي.
يا دار عبلة بالجواء تكلمي شرح
يُعتبر بيت يا دار عبلة بالجواء تكلمي مفتاحًا لفهم روح عنترة وأسلوبه الشعري، حيث يعبر الشاعر عن حنينه العميق لحبيبته عبلة، إذ يخاطب الدار، التي تمثل موطن عبلة، وكأنها كائن حي يستطيع التحدث، وهذه الصورة تعكس فراغ الشاعر ووحدته، حيث أن عبلة ليست موجودة ليتحدث إليها، فيلجأ إلى محاورة أطلال دارها.
يشير الجواء إلى موقع جغرافي كان مسكنًا لعبلة، مما يضفي طابع واقعي على القصيدة، ويجعل القارئ يشعر بمكانة عبلة الخاصة في قلب عنترة، والبيت يرمز إلى قوة الحنين وتأثير الفراق على قلب الشاعر، فهو يرى في الأطلال ما يعيد إليه ذكريات اللقاء والحب.
اقرأ أيضًا: قصيدة مدح لنزار قباني
يا دار عبلة بالجواء تكلمي كلمات
- يا دار عبلة: ينادي الشاعر دار محبوبته، وهو أسلوب شائع في الشعر الجاهلي للتعبير عن الحنين والشوق.
- بالجواء: الجواء هو اسم مكان يشير إلى البقعة التي كانت تسكنها عبلة، مما يربط الحنين بمكان معين.
- تكلمي: استعارة بارعة يعبر فيها الشاعر عن رغبته في سماع صدى الذكريات وكأنه ينتظر ردًا من الجماد.
يا دار عبلة بالجواء تكلمي نوع الاستعارة
في هذا البيت، يستخدم عنترة استعارة مكنية، حيث شبه الدار بإنسان يمكنه الكلام، وحذف المشبه به (الإنسان) وأبقى على صفة من صفاته (الكلام)، وهذا النوع من الاستعارة يمنح النص بعدًا جماليًا ودلاليًا عميقًا، إذ يظهر الشاعر مدى ارتباطه بماضيه وحبه، حيث يجعل من الأطلال شريكًا في الحوار الداخلي الذي يعبر فيه عن معاناته.
الاستعارة هنا ليست مجرد أداة جمالية، بل تحمل وظيفة تعبيرية قوية، حيث تجعل الجماد كائن حساس يمكن للشاعر أن يتواصل معه، مما يعكس قوة العلاقة بين الإنسان وذكرياته.
اقرأ أيضًا: شعر في الحب
قصيدة يا دار عبلة بالجواء تكلمي
يا دار عبلة بالجواء تكلمي
وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي
فوقفتُ فيها ناقتي وكأنها
فدنٌ لأقضي حاجة المتلوّمِ
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا
بالحزن فالصمان فالمتثلمِ
حُييتَ من طلل تقادم عهده
أقوى وأقفر بعد أم الهيثمِ
حلت بأرض الزائرين فأصبحت
عسراء مثل الحرف في المتحطمِ
فوقفت أسألها وكيف سؤالنا
صماً خوالد ما يبين تكلمِ
أثني عليّ بما علمت فإنني
سمح مخالقتي إذا لم أظلمِ
وإذا ظُلمت فإن ظلمي باسلٌ
مر مذاقته كطعم العلقمِ
ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ
مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المتبسمِ
اقرأ أيضًا: قصيدة مدح في رجل
يا دار عبلة بالجواء تكلمي شرح ليس مجرد كلمات نظمها شاعر في لحظة تأمل، بل هو تعبير عميق عن الحنين والفقد والحب الذي لا يموت، حيث من خلال التحليل، يتبين لنا كيف استطاع عنترة بن شداد أن يجسد مشاعره بلغة شعرية جميلة تحمل في طياتها معاني أبدية.